جسد تسكنه روح أو روح بلا جسد

- ها قد عاد الرجل الغريب مرة أخرى.
- كل يوم يأتي إلى هنا وفي نفس الوقت، ماذا يريد؟
- سأراقبه وسأعرف ما غايته بالضبط.
.. يقترب بولهه .. الرغبة تبدو على تقاسيم وجهه .. يضع يده على أسفل بطنه ... يقترب منها...
- حبي الوحيد, حبيبتي اليتيمة.. بالأمس كنت احبك، أما اليوم فانا متيما بك، وفي الغد عاشق لك ، وما بعده سأكون من الهائمين بذاتك الحنونة وجسدك الفاتن وملامحك الأخاذة ..
.. يضع يديه على عجزها..
- - يا لجمالك الساحر وقوامك الممشوق.. ثدييك كتفاحتين يانعتين، وبطنك كوسادة دافئة، وأردافك كطاووس مغرور بنفسه... اقبليني كحبيب أزلي أو كعبد عنين..
.. يضع يديه على جسدها برغبة عارمة ..
- الآن أمسكت بك يا هذا، تأتي إلى هنا كل يوم من اجل هذه الصورة الصامتة.
- أرجوك دعني إنها حبيبتي، بل حياتي، إنها كل وجودي..
- بل مجرد صنم لا روح فيه فكيف تكون حبيبتك ؟
- إن الحب شعور متبادل بين قلبين، عندما اعبر لها عن حبي فإنها تظل صامتة، فتعود مشاعري إلى قلبي مرة أخرى، فاشعر براحة وأمل، وأظل انتظر ذلك اليوم الذي تسكن فيه روحها هذا الجسد لأنعم بالدفء الذي انتظره!.
- إنها صنم لا يمكن أن تحل فيه الروح.. جسد لا قيمة له.
- إنني لا انظر للجسد بل للروح التي صنع منها، إنها نصفي الذي أتمناه، وسوف أظل انتظره حتى ألقاه.
.. يخرج والدموع تنهمر من عينيه، ينظر إلى الصورة، يتأملها مليا، يتطلع فيها بنهم، يقبلها من بعيد ويغادر..
.. يعود بعد عدة أيام ، يغوص في الزحام ، يقترب منها مرة أخرى ...
- حبيبتي.. فستانك اليوم أجمل ، أنت أحلى من القمر، وادفأ من أشعة الشمس في شتاء قارص، والمع من النجمة في ليالي الصيف، عيناك كجوهرتين ، شفتاك كبلسم لجراحي الغائرة في ردهات الزمن العاتي ، خديك ناعمتين كالحرير ، التفتي إلي، كلميني ، أغدقي علي بنظرة تزيل ألامي وتشفي آهاتي ... أنا عبدك المطيع ، وزوجك المفتون بك ، وابنك الذي ارضعتيه حبك وحنانك ... يقترب منها، يحاول تجريدها من ملابسها ... يقبض عليه ، يضرب بشدة أمام الآخرين ..
- أرجوكم لا تضربون هنا ، أبعدوني من هذا المكان ، لا أريد لحبيبتي أن تنظر إلى كرامتي وهي تجرد من العنفوان، لا أريد لرجولتي أن تنكسر أمام أنوثتها ، لا أريد أن أتحول إلى أرنب أمام وحوش كاسرة تستعد للانقضاض عليه لتطعم أطفالها بلحمه ولا يمكنه الدفاع عن أنثاه وصغاره ، لا أريد أن أصبح ورقة شجرة ميتة في خريف عاصف ..
.. ينظر احدهم لابنته بريبة، ثم يقترب منه...
- ويلك من هي حبيبتك التي تعنيها؟
- هل ستساعدني لو قلت لك؟
- بالطبع! اخبرني من هي فقط!
يشير إليها..
- أتقصد هذا الصنم ؟
- نعم يا سيدي، أنها حبيبتي.
- أنها مجرد صنم لا روح فيه.
- إنها جسد ينقصه روح.
- إنها جسد لا يمكن أن تحل فيه الروح، لأنه نقيض لها، ولا يمكن أن يجتمع النقيضان.
.. يرمى بعيدا.. يعود إلى مأواه.. يبكي بحرقة.. لماذا يضربونني ؟ أكل هذا لأني أحببت جسدا لا روح فيه ؟ وماذا في ذلك ؟ غدا سأجد الروح التي ستوقظه من موته لأنعم بحبيبتي التي طالما رأيتها في أحلامي..
.. يعود بعد عدة أيام .. يقترب منها مرة أخرى ..
.. حبيبتي متى ستحلين في جسدك ؟ مشتاق إليك كاشتياق عيناك إلى الضياء..أرى في وجهك الصفاء، وفي جسدك الوفاء، وفي عيونك حزن يملئه الأمل.. يضع يده على صدرها، ويده الأخرى على فخدها.. يتنهد.. يستنشق الهواء بشدة..
.. حبيبتي اشعر بان روحك تقترب، أحس بأنها ستدخل في جسدك لتأخذيني إلى عالمك الرائع.. في رحلة بين نجوم الحب الأزلي ... إلى جزيرة الحلم الوردي الجميل.. إلى كوكب من الألوان البديعة ..إلى رونق من السحر والبهاء...
..يقترب منها شخصان.. يجردانها من ملابسها . ينظر إلى ما يفعلانه والانهيار يسري في كيانه.. يمسك احدهما برأسها ويبدأ بتفكيك أعضائها، ثم يضعها في سلة ويرمي بها بعيدا..
ينظر إليهما بصمت رهيب .. تنظر إليه الوجوه بعطف واستهزاء.. يطرق برأسه إلى الأرض ثم يرفعه بكبرياء ..
- إن هذا الجسد ليس سوى قالب للروح، سأبحث عن حبيبتي في مكان ما، إن روحها ستكون حتما بالقرب من جسد آخر وسأظل أناجيها حتى التقي بها جسد تسكنه روح أو روح بلا جسد.
.. يغادر بثقة وثبات وكأن روح حبيبته تحلق فوقه لتمنحه القوة والإباء والبهاء..

الله الله الله الله الله الله اللله الله الله الله الله
الله الله الله الله الله الله الله الله الله الله
الله الله الله الله الله الله الله الله الله
الله الله الله الله الله الله الله الله
الله الله الله الله الله الله الله
الله الله الله الله الله الله
الله الله الله الله الله
الله الله الله الله
الله الله الله
عليك